تصنيفات

بيت العنكبوت



كلما مررت على قول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 41]

تذكرت أهل الطاقة المزعومة؛
 وذلك عندما أرادوا منها النفع ودفع الضر ، فإذا أردت المال، إذا أردت الصحة، إذا أردت الذرية، إذا أردت صنع قدرك؛ فهناك قانون يستطيع أن يأتي لك بكل ما تريده، والكون سيتفاعل معك ويستجيب لك حسبما تقوم به من ممارسات -تأمل، يوجا، مانترا-،  وامتنان، وتركيز،…

فظنوا في هذا القانون الوقاية والحماية من المرض والفقر وعدم التوفيق…، ولكنهم احتموا كما احتمت العنكبوت في بيتها، فما ازدادوا إلا ضعفًا ووهنًا.
بل وصل الأمر عند الروحانيين ادعاء ممارسة هذه الطقوس الكفرية بأنها تقربهم إلى الله!
فتجعل ممارسها يتصل بالله اتصالاً مباشرًا
وهذا ما يؤول في النهاية إلى عقيدة وحدة الوجود.

يقول الشيخ السعدي في تفسيره: «فالعنكبوت من الحيوانات الضعيفة، وبيتها من أضعف البيوت، فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفًاً كذلك هؤلاء الذين يتخذون من دونه أولياء، فقراء عاجزون من جميع الوجوه، وحين اتخذوا الأولياء من دونه يتعززون بهم ويستنصرونهم، ازدادوا ضعفًا إلى ضعفهم، ووهنًا إلى وهنهم.

فإنهم اتكلوا عليهم في كثير من مصالحهم، وألقوها عليهم، وتخلوا هم عنها، على أن أولئك سيقومون بها، فخذلوهم، فلم يحصلوا منهم على طائل، ولا أنالوهم من معونتهم أقل نائل.

فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم، حالهم وحال من اتخذوهم، لم يتخذوهم، ولتبرأوا منهم، ولتولوا الرب القادر الرحيم، الذي إذا تولاه عبده وتوكل عليه، كفاه مئونة دينه ودنياه، وازداد قوة إلى قوته، في قلبه وفي بدنه وحاله وأعماله». انتهى

وفي نفس السورة يقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17]

يا أهل الطاقة، يا من تعتقدون في الكون أنه يأتي لكم بالوفرة والثروة والغنى اعلموا أنه لا يملك لكم رزقًا.

يا أهل الطاقة، يا من تعتقدون أن الكون سبب في رزقكم اعلموا أنه لا يملك لكم رزقًا فابتغوا عند الله الرزق، ولا تبتغوه عند غيره، واعبدوه واشكروا له.
فلم يقل سبحانه تشكر الحجر والشجر والوردة التي صنعت يومك وتمتن إلى هذا وذاك من أجل أن تتناغم مع الكون، بل اشكروا لله وحده فجميع مايصل إلى الخلق فمنه وحده، وجميع ما يندفع عنهم من الشر فمنه وحده، وما سوى ذلك ما هي إلا أسماء سماها المفتونون وأسلافهم ما أنزل الله بها من سلطان.

يا أهل الطاقة، إلى الله ترجعون، وإليه جميعا راجعون، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون.

وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

✍

غادة شكري