يقولون:”الصديق بالنسبة لي هو الذي يتقبلني كما أنا بشكلي بلوني بمعتقداتي بافكاري، الصديق بالنسبة لي هو الذي يحب اختلافي عنه فلن ينصحني ويطوعني لشكله ومزاجه.”
أقول بداية: هذا ليس بصديق هذا خيال مآتة.
وكما هو معتاد في الفكر الروحاني طرح كلمات صحيحة وأهداف تبدو في ظاهرها نبيلة ولكنها تحمل في طياتها معاني باطنية خبيثة.
قول “الصديق بالنسبة لي هو الذي يتقبلني كما أنا بشكلي بلوني بمعتقداتي بافكاري”
ترسيخ لمبدأ “قبول الآخر” أي كان دينه أو عقيدته أو تفكيره، فالكل على صواب، وهذا يرجع لأصل من أصول هذه الفلسفة المنحرفة ألا وهو “نسبية الحق”.
فيحاولون طرح هذه الفكرة بأشكال مختلفة، ولكن سرعان ما يظهر تناقضهم للبديهيات العقلية، أو تناقضهم في الطرح نفسه الذي يطرحونه.
الصديق يتقبل صديقه بلونه وشكله يتقبله بغناه أو فقره يتقبله بصحته أو عافيته.. نعم.
لكن يتقبله بمعتقاداته وأفكاره؟!!!
فهذه دعوة باطلة ومصادمة للنصوص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.. رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
كما يظهر التناقض في قولهم: “الصديق بالنسبة لي هو الذي يحب اختلافي عنه”
من المعلوم أن النفس تميل إلى من يشبهها، فعادة يميل الأشخاص أصحاب الميول والأهداف والأفكار المشتركة لبعضها البعض.
فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
كما أنه أحيانا يُحكم على المرء من خلال صحبته، فنجد إنسان يسعى لصحبة أهل الخير والإيمان ومجالستهم فهذه إشارة على ما بداخله من خير ويرجى فيه خيرا، بخلاف شخص آخر ينفر من صحبة اهل الخير لا يستطيع مجالستهم بل حتى رؤيتهم، فضلا عن صحبتهم.
عن أنس رضي الله عنه قال: أن أعرابيا قال لرسول الله ﷺ: متى الساعة؟ قال رسول الله ﷺ: ما أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت، متفق عليه
وقال صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب.
أما قول:”الصديق بالنسبة لي هو الذي يحب اختلافي عنه فلن ينصحني ويطوعني لشكله ومزاجه.”
كلام فاسد وفكر عقيم غير مستقيم، الصاحب ساحب إما إلى خير وإما إلى شر، فلابد أن يكونا في نفس البقعة التي تجمعهم وإلا فلا يمكن صحبتهما لبعضهما البعض، فلابد أن ينال أحدهما من الاخر، ويؤثر أحدهما في الآخر، حتى يندم لمصاحبته لأهل الضلال.
قال تعالى:
“يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً” (الفرقان: 27-29).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : “إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً” متفقٌ عَلَيهِ
كما أنها دعوة إلى عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تتخللها دعوة إلى تقبل الآخر والرضا على ما هو عليه وقبول فكره وعقيدته مهما كانت منحرفة، ليصل في الاخير إلى نسبية الحق، وإلى ركيزة من أهم ركائز الفكر الروحاني ألا وهي (وحدة الأديان).
يمكنك الرجوع إلى مقال( قبول الاخر)
قبول الآخر
✍️غادة شكري
اترك رد