تصنيفات

و أسأله عن الشر مخافة أن يدركني -3

هذه المقالة هي[part not set] من 29 سلسلة مقالات الرد على فلسفة الطاقة

تعرفنا في المقالتين السابقتين 1،2 على جوانب من الشرور التي قد تتفشى في مجتمعاتنا المسلمة دون أن ينتبه لها كثيرون، بل قد يتقبّلونها ويمارسونها لأن الشيطان قد زيّن ظاهرها بالنفع ولبّس باطلها بالحق.

قدوتنا في هذا النهج الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، الذي كان يقول: ” كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وأسأله عن الشر مخافة أن يدركني“.
ثم نتقصّى إجابة السؤال، وتوضيح حقيقة الشر لتكون النتيجة التعوّذ منه والتحرّز منه، فلا يدركنا.

تساؤلنا الأول كان عن أسس الديانة الطاوية التي يمارسها كثير من المسلمين مع غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، دون أن يدركوا أنهم يمارسون الطاوية..

والسؤال الثاني كان جهاز الطاقة في الإنسان الذي يدعي وجوده في الإنسان الصينيون (الطاويون) ومن تبعهم من مروجي تطبيقاتهم الصحية والرياضية والروحية، ماهي حقيقته؟ وكيف يعمل؟

 

وسؤال اليوم مرتبط بموضوع جهاز الطاقة، إذ أنهم يزعمون أن هذا الجهاز موجود ليس في أجسامنا البدنية وإنما في أجسامنا الأثيرية!

ومن هنا فسؤال موضوعنا اليوم:

ما حقيقة هذا الجسم الأثيري؟ وما رأي العلم الصحيح في فكرة الأثير؟ وهل أثبت الصينيون والهنود مزاعمهم؟

 

ذكرنا عند شرح فكرة جهاز الطاقة المزعوم أن أديان الشرق بعامة تعتقد بوجود ما أسموه “الجسم الأثيري ” الذي هو – كما يزعمون – أحد أجسادنا السبعة، وله التأثير والهيمنة على سائر الأجساد؛ ففيه يقع جهاز الطاقة المسؤول عن تدفيق الطاقة الكونية فينا.

ومن هنا نتساءل: من أين أتى هؤلاء بفكرة الجسم الأثيري؟ وعند البحث عن الإجابة تصيبنا الدهشة من مروّجي هذه الفكرة في عصر العلم والمعرفة، إذ أن فكرة الجسم الأثيري فكرة قديمة منذ ما يقارب 500 سنة قبل الميلاد، عندما كانت وسائل المعرفة متواضعة جداً، والعقول أقل تفتحاً، عندها فكّر بعض من يسمون (الحكماء) في الكون والحياة، وأرادوا فهم لغز الحياة وليس لهم أثارة من علم النبوّات، فكانت نتيجة التفكير مبنية على ملاحظاتهم التي توصلوا من خلالها أن الصوت ينتقل في الهواء، بينما الضوء ينتقل حتى لولم يوجد هواء، عندها حاولوا البحث عن حقيقة الشيء الموجود الذي يملأ الفراغ الخالي من الهواء. ولما لم يجدوا طائل من وراء بحثهم (لأن الضوء ينتقل في الفراغ كما أثبت في العلم الصحيح)، قالوا بوجود مادة اصطلحوا على تسميتها الأثير! وقالوا أن الأثير هو الذي يملأ الفراغ وهو منبثق عن الكل الواحد الذي وجد منه الكون ويحمل خصائصه القوية (الإلهية)، فهو يحوي قوة طاقة الحياة!! وبناء على هذا الاستنتاج الخاطئ بنو فكرة الجسم الأثيري، فزعموا أن كل إنسان يزود فور ولادته بجسم أثيري يرتبط به بحبل فضي من مكان السرة، وعلى صحة هذا الجسم الأثيري وعلى فعالية جهاز الطاقة فيه تكون صحة كل إنسان البدنية والعقلية والروحية والعاطفية وغيرها!

 

ولما كانت الفكرة غير مقبولة اليوم في عصر تطور العلم ووسائل الكشف على المواد التي لا ترى بالعين المجردة، فقد حاول الذين ينظرون بعين التقديس لأولئك (الحكماء) أن يثبتوا فكرة وجود مادة الأثير المزعوم، ووجود الجسم الأثيري لإثبات فكرة “قوة طاقة الحياة”، ومن هنا انطلقوا ليبحثوا من منطلق بحثي خاطئ المنهج، نتيجته وتطبيقاته مسلمة عندهم وإن كانت غير مثبتة، بل متناقضة مع العلم! وفرحوا ببعض الملاحظات مثل بقاء رائحة الإنسان في مكان ما بعد مغادرته له، ومثل وجود طاقة كهربية في جسم الإنسان.

ومن هذه الحقائق حاولوا إثبات مزاعمهم – دون وجود رابط من عقل أو نقل على العلاقة بين المشاهدات والاستنتاج الذي يريدون -!

ومن العجيب أنهم استغلّوا جهل العامة بالتصوير “الثيرموني” الذي يستخدم لكشف الجرائم فيصور أثر الشخص الذي قد غادر المكان لتوّه! وبتصوير التفريغ الكهربائي للاستدلال على فكرة الجسم الأثيري، فزعموا أن ما يصور هو الجسم الأثيري!

والحق أن ما يصور غير ذلك.. ففي التصوير “الثيرموني”؛ حقيقة ما يصور هو بقايا إفرازات جسم الإنسان من تنفسه وتعرقه ومن إفرازات البكتيريا الموجودة على جلده التي انتشرت في الهواء واتحدت ببعض الجزيئات. وفي تصوير التفريغ الكهربائي والمسمى تجارياً بتصوير “كيرليان” أيضاً، فإن ما يصور هو التسرب الناتج من شحن الجسم بفرق جهد كهربائي والمتغير بحسب ميتابوليزم الجسم، ودرجة الرطوبة وغيرها. وهي أمور علمية مشاهدة لا علاقة لها بالجسم الأثيري المزعوم.

هذه هي حقيقة خرافة طاقة قوة الحياة.

وهذه حقيقة التصوير الذي يزعمون أنه تصوير الأورا “الهالة” الدالة على الجسم الأثيري.

وفي الحلقة القادمة سنجيب عن سؤال: ماهي التطبيقات المتعلقة بإثبات الجسم الأثيري، والشكرات، والطاقة؟ وكيف دخلت إلى بلاد المسلمين؟

 

إخوتي.. لابد من وضع حد لضعفنا العلمي بالجد في طلب العلم والجد في توظيفه واستخدامه. ولابد من وضع حد لهذا الاستخفاف بالعقول.

دعوى تصوير الجسم الأثيري والشكرات مغالطة علمية. هي على الحقيقة تصوير التفريغ الكهربائي فقط.

تابع سلسلة المقالات