تصنيفات

هذه المقالة هي[part not set] من 28 سلسلة مقالات الرد العلمي على ممارسات الطاقة

المحور الثاني: بطلان الأساس العلمي لما يسمى بـ”قانون الجذب”

بعد الإطلاع على التفسيرات الفيزيائية التي وردة في كثير من أطروحات ما يسمى بـ”قانون الجذب” ولقاءاتهم التلفزيونية ، تبين لنا أن ما يسمى بـ”قانون الجذب” لا يستند الى أي حقيقة علميه معتمده ، بل شاب تفسراتهم العلمية الكثير من المغالطات خصوصا في مسألة الجذب والطاقة والذبذبات، والتي تنم عن سطحية في إدراك الأسس العلمية المتداوله في الأوساط العلمية:

إنقسمت مغالطاتهم في تفسيراتهم الفيزيائية على أربعة أوجه:

1. الطاقة (Energy) :

ان أسهل تعريف للطاقة المثبتة علميا (وليس ما يزعمه المتخصصين في ما يسمى بـ”قانون الجذب”): هي المقدرة على القيام بشغل يحدث تغييرا، لا نعلم ماهيتها ولا جوهرها ولكن نرى أثرها في التحولات من شكل الى آخر (طاقه حركية ، طاقة وضع .. وهلم جرى).

 I. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “هناك الطاقة الموجبة والطاقة السالبة”:

الرد:

علميا الطاقة واحدة لا سالبة (-) ولا موجبة (+) ، إن استخدام الإشارات (سالب وموجب) هي للتمثيل الرياضي فقط ، كأن نقول الطاقة الخارجة من الجسم سالبة والداخلة اليه موجبة ، كما نستطيع أن نفرض العكس تماما وهو صحيح أيضا. لذا فتغيير الإشارات لا يغير في المدلول الفيزيائي شيء، فعلى سبيل المثال: بخصوص تغير الأشكال (Deformation) فإننا قد نفترض رياضيا (Mathematical) أن التمدد (Elongation) موجب والإنقباض (Contraction) سالب ، وهي مجرد فرضيات رياضية نستطيع عكسها دون أن نفسد المفهوم الفيزيائي لتغير الأشكال أو الطاقة.

II. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب:” نستطيع قياس طاقة جسمك من جهاز معين”:

الرد:

إن الطاقة لا تقاس كما تقاس الكتلة ، فعلى سبيل المثال: كتلتك وأنت على الكرة الأرضية هي نفسها كتلتك لو كنت على سطح القمر ، أي أن قياسها مطلق غير نسبي (absolute) ، ولكن الطاقة تقاس بقياس نسبي (Relative) لمرجعية معينة ، فالطاقة الحركية (Kinetic Energy) على سبيل المثال تعتمد على الكتلة والسرعة ، لكن أي سرعة نقصد ؟ أهي السرعة بالنسبة لسطح الأرض أم السرعة بالنسبة لمركزها أم السرعة بالنسبة لمركز الشمس، كل تنوع هذه المرجعيات يقودنا لنتائج مختلفة وجميعها صحيح في نفس الوقت . وحتى وإن حددنا المرجعية فإننا لانستطيع قياس الطاقة لجسم ما إلا فقط من خلال حسابات رياضية تقوم على قياسات مختبرية اخرى (كقياسنا للكتلة والسرعة في حال الطاقة الحركية) ، لذا لا يمكن من خلال جهاز معين قياس طاقة انسان وهو مجموع طاقات مختلفة (حركية ووضع وحرارية وغيره) معقدة في بعضها بدون مرجعية متفق عليها.

III. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “أرفع مستوى طاقة جسمك هذا أفضل”:

الرد:

من المعلوم بالضرورة في الفيزياء أن رفع مستوى الطاقة يبعد المادة عن وضع الإستقرار ، وأن المادة دوما تسعى للبقاء في أقل وضع طاقة “Low Energy State” وهو وضع الإستقرار. لذا فإرتفاع مستوى الطاقة اضطراب مؤقت وعدم إستقرار يجعل المادة تسعى للرجوع لوضع طاقة منخفض ، ومن يحاول أن يقول أن رفع مستوى الطاقة جيد دوما ، كمن يقول أن إرتفاع حرارة جسم الإنسان (طاقة حرارية) شيء جيد وهذا مخالف لأبجديات الطب. (أتمنى الرجوع لمقال سابق لي بعنوان “قوانين الشيخ نيوتن .. فلسفة ممتعة” ، للإستزاده).

IV.  يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “طاقتك تجذب لك الأشياء”:

الرد:

هذه مغالطة كبيرة لأن الطاقة ليس لها خاصية الجذب.

2.الذبذبات (Frequencies) :

إن الذبذبات هي تكرار لحدث ما خلال وحدة زمن ، هي ترددات موجية تفسر ما لدى بعض الأجسام من مرونة. إن الذبذبات جزء من تكوين القوى او الطاقة وليست أمرا منفصلا قائما بذاته .

I. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “إرفع مستوى ذبذباتك ترتفع طاقتك”:

الرد:

ليس بالضرورة أن تنتج الترددات العالية طاقة عالية ، فبجانب التردد (Frequency) هناك مايسمى سعة التردد (Amplitude)، فمثلا: الكرة التي ترتطم بالأرض بحركة ترددية لها مقياسان: الأول كم مره ترتطم بالأرض في وحدة زمن محدد (Frequency) ، بالإضافة الى مقدار ارتفاع الارتطام (Amplitude) . قد تكون هناك ترددات منخفضة لكن طاقتها أعلى لان سعة التردد لديها عاليه.

II. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “إذا توافقت ذبذبات شيء تريده مع ذبذباتك فهذا شيء جيد”:

الرد:

ان كل مادة لها تردد طبيعي “Natural Frequency” بمعنى أن المادة حينما تهتز فإنها لا يمكن أن تهتز الا وفق ترددات محدده تعتمد على كتلة ومرونة الجسم ، نسميها الترددات الطبيعية (Natural Frequencies) . وان توافق التردد الخارجي للتردد الطبيعي للأجسام ينتج ما نسميه بـ(Resonance) وهذه ظاهره يميل فيها النظام للإهتزاز بسعة عالية جدا عند ترددات محددة ، وغالبا ما تقود الى كارثة . لا يشترط أن تكون الترددات المتوافقة عاليه ، بل يكفي أن تكون متوافقة ، بمعنى أن ترددات منخفضة متوافقة قد تقود لمثل هذه الظاهرة الضارة (بإستثناء إستخدامها في تطبيقات تكنولوجية محدودة جدا) ، لذا فإن جميع مصممي المباني والطائرات والجسور والآلات .. الخ ، يأخذون حين تصميمها ألا تكون هناك إمكانية لتوافق الذبذبات الخارجية مع الذبذبات الداخلية قدر المستطاع وحتى لا تحدث هذه الظاهرة الخطيرة التي تسببت في سقوط جسور ومباني وكوارث اخرى . حتى أن البعض فسر سبب حدوث “السكتة القلبية” أنه توافق ذبذبي بين تردد خارجي و تردد نبضات القلب.

III. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “ذبذباتك تجذب الأشياء”:

الرد:

هذا ادعاء باطل علميا ، فليس للذبذبات خاصية الجذب ، كما أن الترددات ليست منعزله بذاتها عن أي شيء آخر إنما هي جزء من تكوين القوى الفيزيائية .

               IV. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “إن الكون يتكون من ذرات والذرات تتكون من نواة وإلكترونات وأن أساس النواه جزيئيات أصغر وأصغر حتى نصل الى أنها مجرد ذبذبات، لذا فالكون كله ذبذبات وليس مادة” كنوع من الدعم لما يسمى بقانون الجذب:

الرد:

أما القول بأن لا وجود للمادة وكل الوجود عبارة عن طاقة وترددات ، والذي شرحها أحد مختصي ما يسمى بقانون الجذب مستنداً ومن دون التسمية على نظرية مهمة وحديثة في عالم الفيزياء ألا وهي نظرية الأوتار الفائقة “Super String Theory“.تحاول هذه النظرية التوفيق بين جميع النظريات الفيزيائية السابقة (القوى الأربعة: القوه الكهرومغناطيسية وقوة التجاذب الكوني والقوى النووية الضعيفة والقوية) في نظرية واحدة لبنية الكون ، حيث تطورت مؤخرا الى نسخ اخرى.

تقول هذه النظرية بإختصار: أن أساس الكون أوتار تهتز بترددات محددة بمقياس طول بلانك ( ~1.6×10−35متر) وأن إهتزازاتها تحدد الطاقة والتي تحدد بأثرها كتلة كل جسيم ، وتقول ايضا أن هناك أوتار على شكل حلقات مغلقة و اخرى مفتوحة ، أما طول بلانك فلا يمكن أن نتخيل مدى صغره، إن العلم الحديث بتجاربه المعملية الآن وصل لما يقارب النانو متر (~-910 متر) أي أن نقسم المتر الواحد الى مليار وحدة صغيرة !! فما بالك بطول بلانك (نقسم المتر الواحد الى قرابة مليار مليار مليار مليار… وحدة صغيرة !!) ، إن هذه النظرية التي إستند إليها بعضهم لا تزال في طور البحث والتطوير ، فتقدمها فقط على المستوى المنطقي والرياضي دون وجود تجارب مختبرية تؤكد وجود هذه الأوتار ومدى صحة فرضياتهم. لذا لا يجوز الاستناد على أمر (بأن العالم كله أوتار تهتز) وهو لا يزال حبيس مختبرات العلم .

من جانب آخر قدم اينشتاين في معادلته الشهيرة (E=mc2) “الكتلة = m” و “سرعة الضوء = c“، والتي يؤكد على أن المادة ليست إلا صورة من صور الطاقة ، بمعنى أن الجسم الذي لا يتحرك يمتلك طاقة ساكنه (Rest Energy) يمكن حسابها من المعادلة السابقه. بينما لايزال الإعتقاد قائم بوجود الكتلة التي تتكون من ذرات وجسيمات دقيقة ، وهذه الذرات في حركة دائمة مستمرة بترددات معينة تتحول لطاقة كما يحدث في التفاعلات النووية.

على أي حال يبقى السؤال قائم: ما الربط بين صحة ما يسمى بقانون الجذب ومسألة أن الكون طاقة أوأنه أوتار تهتز ؟ إذا كان الجذب ليس من خصائص الطاقة ولا الذبذبات ؟، لماذا يقومون بإيهام الناس بالحديث عن حقائق فيزيائية ليست ذات صلة بما يدّعمون؟ إنهم أثاروا أمر ليس له علاقة بصحة ما يسمى بـ”قانون الجذب” لا من قريب ولا من بعيد.

V. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “ذبذبات السعادة والثراء عالية والحزن والفقر منخفضة ولها قياس معين”:

الرد:

انني أتسائل :هل السعادة مثلا والتي هي عبارة عن مشاعر معنوية “لا وجود مادي لها” لها ترددات معينة وكيف يمكن قياسها تجريبياً ؟! بإختصار ، لا يمكن أن يتداول أحد ما مثل هذا التخريف في أروقة العلم المحترمة !

3.الجذب(Attraction):

نلخص أنواع الجاذبية فيزيائيا في إثنتين: الجاذبية الكونية “Newton’s Law of Universal Gravitation” (الجاذبية التي تتسبب فيها الكتل الضخمة جدا كالأرض والشمس فيما بينها أو بين الأرض والكتل التي حولها) .أو إختلاف الشحنات موجبة وسالبة ، الذي نقصد به الكهرومغناطيسية (Electromagnetism).

I. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: “إن الإنسان يجذب الأشياء”:

الرد:

أما جسم الإنسان فليس له كتلة ضخمة حتى يستطيع الجذب (إلا إنجذابه للأرض بفعل ضخامة كتلة الأرض) ، أما إذا أثبت أحدهم رياضيا أن هناك بين شخص وشخص آخر قوة جذب ضئيلة جدا (تكاد تنعدم) طبقا لمعادلة نيوتن الشهيره للجاذبية ، فنقول له أن الوسط المادي بين الشخصين (الهواء مثلا) لديه المقاومة التي تلغي أثر هذه القوة الضئيلة جدا. كما شحنة جسم الإنسان الكلية متعادلة (لا سالبة ولا موجبة) وليس له قدرة على جذب الأشياء ولا الإنجذاب لها حاله (من هذه الزاوية) كحالة مادة الخشب التي لا تتأثر بوجود مغناطيس ولا شحنات. لذا فلا الذبذبات لها خاصية الجذب ولا الطاقة كذلك ولا كتلة الإنسان تسمح بأن يكون له جاذبية وليس له شحنة كهربائية حتى يجذب، لذا فمقولة أن الإنسان يجذب الأشياء مغالطة كبيرة وسطحية في الفهم،  طبعاً نستثني “الإنسان المغناطيسي” في حال وجوده على كوكب الأرض !! أو وجود شخص رأسه بثقل الكرة الأرضية !! ، لأننا لا نعلم إن كانوا سيقولون مثل هذا الأمر مستقبلاً !!

4.المراقب (Observer):

يتطرق مبدأ “عدم اليقين” (Uncertainty Principle) للعالم هايزنبرج الى أمر مهم، وبالرغم من صعوبة الدخول في فيزياء الكم ومبدأ عدم اليقين ، إلا أننا سنحاول أن نتطرق لها بشكل مبسط في السطور التالية:

تهتم فيزياء الكم (Quantum Physics) في دراسة الظواهر الفيزيائية التي تحدث على المستوى الذري وعن إزدواجية السلوك الجسيمي-الموجي للمادة والطاقة ، أما ومن خلال فيزياء الكم فإن مبدأ عدم اليقين ينص على أنه لا يمكن قياس كميتين ثنائيتين إلا ضمن دقة معينة (خواص كمومية على المستوى الذري) ، أي لا يمكن قياسهما بدقة 100% .

يشرح الفيزيائي هايزنبيرج هذا المبدأ فيقول: إذا أردنا أن نقيس موضع إلكترون وسرعته في آن واحد ، فإننا بمجرد ملاحظتنا له (من خلال تسليط ضوء الذي هو عبارة عن فوتونات تحمل طاقة كمومية) ، فإن قياسنا لموضعه حين تسليط الضوء عليه يكتسبه طاقة كفيلة بتغيير سرعته وإتجاهه. أي أن قياس دقة الموضع سيأثر على دقة قياس السرعة والعكس أيضا. الأمر الذي يجعل نتائج فيزياء الكم إحتمالية والتنبؤ دون الجزم بعرفة المستقبل. وخلاصة ما تقدم هو أن المراقب يؤثر بسبب مراقبته سلوك الأشياء (التي يراقبها).

I. يقول أهل ما يسمى بقانون الجذب: (“أن الإنسان يؤثر في الكون ويجذب كل ما يريد”):

الرد:

لجهلهم قفزوا إلى التعميم فقالوا بكل جرأة ودون تحرّز ولا حتى استثناء: “أن الإنسان يؤثر في الكون كله” بينما ما فهمناه من مبدأ هايزنبرج أن التأثير على الأشياء سببه المراقبة المباشرة وليس الأمر مفتوح على مصراعيه، ونحن نسأل: هل حتى تلك الأشياء التي لا يراقبها الإنسان يؤثر فيها ؟! فمثلا على سبيل التوضيح: لو قلت لشخص أريد أن أراقبك لأعرف أخلاقك ، بلا شك أن مراقبتك له قد تؤثر به وتدفعه ليغير من أسلوبه ويبدو أفضل ، لكن السؤال المهم: ماذا عن الأشخاص الذين لا نراقبهم هل يغيرون من سلوكهم ؟ أنا لا أعلم كيف قادهم تفكيرهم وإستنتاجهم المعلول الى هذا الى القول “أن الإنسان يؤثر في كل الكون” هكذا بكل بساطة (حديثي هذا علمي بحت) !!

يتضح لنا مما سبق بطلان ما يسمى بـ”قانون الجذب”  للسببين التاليين:

1.       أن ما يسمى بقانون الجذب لم يستكمل أركان وشروط القانون علميا ، لذا فهو ليس بقانون ، إنما في أفضل أحواله فرضيات لا إثباتات تجريبية تدعمها ، أو خزعبلات لا أصل لها أو عقائد دينية مستوردة !

2.      أن جميع التفسيرات الفيزيائية الصحيحة لا تعمل في صالح ما يسمى بـ”قانون الجذب” بصورته الحالية كما أوردنا تفصيلها ، بل إن جميع تفسيراتهم تنم عن عدم إلمام بأساسيات الفيزياء المتعارف عليها.

المحور الثالث: بيان حقيقة وأساس ما يسمى بـ”قانون الجذب”

تابع سلسلة المقالات