تصنيفات

هذه المقالة هي[part not set] من 61 سلسلة مقالات بحث سبيلي حول العلاج بالطاقة

 قد يظن من يستمع لمروجي هذه التطبيقات أو يشاهدهم للمرة الأولي، أن هذه التطبيقات الإستشفائية ما هي إلا دعوة للعودة إلي الطب البديل المتمثل في طب الأعشاب الطبيعية،كردة فعل للأعراض الجانبية المصاحبة في كثير من الأحيان للأدوية و العقاقير الطبية الحديثة و خاصة الكيميائية؛ أو قد يظن أنها عودة لتمارين رياضية تساعد عضلات البدن علي إكتساب القوة و المرونة و الإطالة التي فقدها بسبب وسائل الراحة و الدعة التي تعود الإنسان عليها عندما استبدل الجهد البدني في أموره الحياتية واستعاض عنها بالأجهزة و التكنولوجيا الحديثة التي أنتجتها المدنية المعاصرة [1] ؛ أو إنها دعوة للعودة للهدوء و التأمل و صفاء الذهن كردة فعل للحياة المدنية الصاخبة بإيقاعاتها السريعة المقلقه.

و كما هو معلوم و مشاهد أن مروجي فلسفة الطاقة دوماً يدندنون حول هذه الجوانب السلبية التي خلفتها المدنية المعاصرة لينطبع في حس المستمع أو المشاهد أنها دعوة للعودة إلي خيرية الحياة القديمة البسيطة الخالية من الأمراض و الأوجاع؛ حيث كان كل شئ علي خيريته الأولي التي خلقها الله تعالي، دون أن تناله يد البشر بالعبث و التلويث، فيدَّعون أنها العودة إلي الفطرة السوية!! حتي قال أحد مقدمي البرامج العربية الفضائية الشهيرة عند إستضافته لأحد أساطينهم: “الإنسان الذي يعتبر أهم المخلوقات، والذي سخر الله -سبحانه وتعالى- له الكون بما فيه ليعمره بعد ما يعمر نفسه أولاً. لكن الناس غفلوا عن أنفسهم وأهملوا أجسامهم وابتعدوا عن حياة الفطرة وانفصلوا عن العلاقة بالكون وما فيه من إبداع وعزلوا أنفسهم في صناديق الحياة الحديثة المغلقة فاختل كل شيء فيهم، وأصبحت الأوجاع والأمراض تناوشهم من كل جانب، فضاع لديهم الشعور بالأمن والاستقرار والسعادة وقيمة الحياة وبهجتها… وفي هذه الحلقة نأمل أن يسعنا الوقت وأن نقدم لكم أسلوب الحياة الفطري الأمثل الذي يقوم على أن يعيش الإنسان حياته بسعادة وصحة وعافية وسلام وأمن وطمأنينة من خلال أدائه لحق نفسه وبدنه، وذلك عبر وسائل العلاج بالطاقة [2]

هكذا يتم الترويج لهذه الفلاسفات و تطبيقاتها المعاصرة علي أنها الدعوة للعودة للفطرة السليمة؛ دعوة للعودة إلي الصحة و الإتصال مع الكون…!! و لكنهم لا يتعرضون أبداً للأصول التي أنتجت هذه العلوم و التطبيقات؛ لا يصرحون بالأفكار و التصورات و العقائد التي أثمرت مثل هذه التطبيقات؛ و من ثم كان لابد من التعرض بشئ من التفصيل للأصول العقدية و التصورات الذهنية التي أنتجت مثل هذه التطبيقات

إن هذه الممارسات و التطبيقات إجمالاً ترجع من حيث التصور و الإعتقاد علي تنوعها و اختلافها إلي ديانات وثنية قديمة مثل الهندوسية، الطاوية و الشامانية . لذلك كان لابد من التعرض بشيء من التفصيل لعقائد هذه الديانات الوثنية و بخاصة الجزء المتعلق بالأسئلة الثلاث الرئيسة التي تلح علي عقل الإنسان و هي ( المبدأ – الغاية – المصير )

هذه الأسئلة التي لا يمكن أن يجيب عنها الإنسان بمعزل عن نور الوحي المعصوم؛ و لكن لما كانت هذه الأديان وثنية غارقة في ظلمات الشرك و السحر و الشعوذة، فقد أنتجت إجابات عن هذه الأسئلة السابقة من زبالة أذهان حكمائهم و عصارة أفكار سحرتهم، بوحي من الشياطين التي اجتالتهم عن دينهم، كما روي الإمام مسلم في صحيحه عن عياض بن جمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، ذات يوم في خطبته ” … وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم و حرّمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي مالم أنزل به سلطاناً.” [3]

” ‏قوله تعالى : ( وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ) ‏:
‏أي : مسلمين، وقيل : طاهرين من المعاصي، وقيل : مستقيمين منيبين لقبول الهداية ، وقيل : المراد حين أخذ عليهم العهد في الذر ، وقال : { ألست بربكم قالوا بلى } .

‏قوله تعالى : { وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم }

أي : استخفوهم فذهبوا بهم وأزالوهم عما كانوا عليه ، وجالوا معهم في الباطل.” [4]

 


[1] – لا شك أن الأدوية و العقاقير الكيميائية الحديثة عليها ما عليها من الأعراض الجانبية و الأثار الضارة في كثير من الأحيان؛ كما أننا لا ننكر الأثر السئ الذي خلفته وسائل الراحة و الدعة علي البدن من ضمور في عضلات و سمنة مفرطة؛ و لكنهم يستغلون هذه الحقائق للترويج إلي مذهبهم الباطني الهدام كما سيتبين خلال هذا الفصل.

[2] – أحمد منصور – برنامج بلا حدود – قناة الجزيرة – مقدمة الجزء الثاني من حلقة بعنوان العلاج بالطاقة؛ ضيفة اللقاء مها نمور.

[3]– صحيح مسلم

[4]– صحيح مسلم بشرح النووي

تابع سلسلة المقالات